تراجع الطفرة الاقتصادية في روسيا.. مؤشرات على بداية نهاية “اقتصاد الحرب” رغم الدعم الشعبي المستمر للكرملين

بينما شكّلت الطفرة في الأجور وتقلّص البطالة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا دعامة رئيسية لاستمرار الدعم الشعبي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تكشف مؤشرات اقتصادية جديدة أن هذا الزخم بدأ يفقد قوته مع بداية عام 2025.
فقد أظهر تحليل لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن الزيادة الحادة في رواتب الموظفين الجدد—التي ساهمت في رفع مستويات المعيشة داخل روسيا وأبقت على تأييد المواطنين للحرب رغم التضخم والعقوبات—قد تباطأت بشكل ملحوظ. فخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2024، ارتفعت الرواتب الاسمية بنسبة 4.2% فقط، لتتراجع إلى 2.2% في الربع الأول من 2025.
ويأتي هذا التباطؤ في ظل تراجع النمو في الدخول الحقيقية بحسب بيانات هيئة الإحصاء الروسية، إذ انخفض إلى 7.1% مقابل 8.3% العام الماضي، مما يعكس ضغوطًا متزايدة على الاقتصاد الروسي رغم استمرار تدفق بعض الأموال.
ورغم ذلك، لا تزال ثقة الروس في أوضاعهم المالية قائمة نسبيًا، إذ تشير استطلاعات إلى أن 40% من المواطنين لم يلحظوا تغييرًا في أوضاعهم، بينما عبّر 20% عن تحسن، رغم أن 40% آخرين أبلغوا عن تدهور.
وتؤكد الصحيفة أن الاقتصاد الروسي استفاد في بدايات الحرب من فوائض مالية ضخمة تم ضخها عبر رواتب المجندين وقروض مدعومة للشركات، إضافة إلى دعم سخي للرهن العقاري، ما عزز الانتعاش المؤقت في الدخول، لكنه لم يكن مستدامًا.
غير أن هذا “الانتعاش الحربي” لم يصل إلى جميع فئات المجتمع، إذ ظل كبار السن والعاملون في القطاع العام في حالة ركود مالي، حيث لم تتجاوز زيادات رواتبهم معدلات التضخم. ويشكل هؤلاء نحو نصف السكان.
أما على صعيد النمو، فتشير التوقعات إلى تباطؤ حاد، مع انخفاض متوقع في نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2% هذا العام، و1.5% في 2026 حسب تقديرات صندوق النقد الدولي. كما تواجه موسكو صعوبات متزايدة في الإيرادات مع انخفاض أسعار النفط واستنزاف الاحتياطيات.
وفي ظل رفع البنك المركزي الروسي للفائدة إلى 21%، تبدو الشركات عاجزة عن التوسع والاقتراض، ما يضع قيودًا إضافية على استمرارية النمو الاقتصادي.
ورغم ذلك، تؤكد التقارير أن التأثير السياسي لهذا التراجع قد يتأخر، إذ لا تزال الأغلبية الروسية غير مستشعرة لصدمة كبيرة من شأنها أن تغيّر موقفها من الكرملين أو الحرب في أوكرانيا.