بعد اتهامات بالإبادة الجماعية في غزة.. أكثر من عشرين دولة تفرض قيودًا على تسليح إسرائيل

في تطور غير مسبوق في سجل تجارة الأسلحة الدولية، فرضت ما لا يقل عن عشرين دولة حول العالم قيودًا على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وذلك على خلفية سلوكها العسكري في قطاع غزة، الذي وصفته بعض التقارير الدولية بـ”الوحشي” وذهب آخرون إلى تصنيف عملياته على أنها “إبادة جماعية محتملة”.
ومع دخول وقف إطلاق النار الأخير حيز التنفيذ، كانت ست دول قد أصدرت حظرًا كاملًا على نقل الأسلحة إلى إسرائيل.
واستُكمل هذا الاتجاه الأسبوع الماضي بإسبانيا، التي صوّت برلمانها على حظر بيع أي أسلحة أو معدات أو تقنيات عسكرية لإسرائيل، لتلتحق بقائمة طويلة من الدول التي فرضت قيودًا جزئية أو كاملة على صادراتها العسكرية للقدس.
ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست، ربط بعض القادة الأجانب هذه الخطوة باتهامات لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، وهي استنتاجات أكدت عليها لجنة مستقلة تابعة للأمم المتحدة تضم باحثين ومنظمات حقوقية دولية وإسرائيلية.
الموردون الرئيسيون.. أمريكا وألمانيا وإيطاليا
تشير بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، المختص بتتبع تجارة الأسلحة العالمية، إلى أن 99% من “الأسلحة التقليدية الرئيسية” المنقولة إلى إسرائيل تأتي من الولايات المتحدة وألمانيا، بينما تحتل إيطاليا المركز الثالث بفارق كبير.
وتشمل هذه الأسلحة الطائرات والمركبات المدرعة والسفن الحربية والذخائر الكبيرة مثل الصواريخ والطوربيدات والقنابل الموجهة، إضافة إلى الرادارات وأنظمة الدفاع والمدفعية الثقيلة.
إلا أن بعض الموردين بدأوا فرض قيود جزئية، كما فعلت ألمانيا وإيطاليا، بينما لم تُشر الولايات المتحدة إلى أي نية لوقف أو تقليص مبيعاتها العسكرية لإسرائيل.
القيود الأوروبية تفصيلًا:
بلجيكا:
حظرت تصدير الأسلحة لإسرائيل منذ عام 2009، مع توجيهات جديدة من محكمة بروكسل في يوليو الماضي بعد اكتشاف معدات متجهة للقدس.
بريطانيا:
أوقفت تراخيص تصدير 30 شركة تورّد أجزاء من طائرات مروحية وطائرات بدون طيار، بعد أن اعتبرت أن هذه المعدات قد تُستخدم في انتهاكات للقانون الدولي.
إسكتلندا:
أوقفت التمويل العام للشركات التي تزود إسرائيل بالأسلحة، وحث رئيس الوزراء جون سويني بريطانيا على إنهاء التعاون العسكري مع إسرائيل أثناء استمرار الحرب.
أيرلندا وهولندا وإيطاليا وسلوفينيا وإسبانيا:
جميعها فرضت قيودًا أو حظرًا كاملًا على الأسلحة التقليدية، مع إسبانيا كآخر دولة تُعلن حظرًا شاملاً الأسبوع الماضي، إضافة إلى منع واردات وقود الطائرات العسكرية والمستوردات من المستوطنات في الضفة الغربية.
دور كندا وأمريكا وألمانيا
كندا أوقفت جميع شحنات الأسلحة لإسرائيل منذ يناير 2024، لكن سجلات الشحن أظهرت بعض المبيعات لمكونات عسكرية بين أكتوبر 2024 ويوليو 2025.
ألمانيا، ثاني أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل، فرضت حظرًا جزئيًا في أغسطس 2025 بعد الهجوم على غزة، بينما طالبت بعض الأصوات بإلغائه بعد وقف إطلاق النار.
إيطاليا أوقفت نقل الأسلحة بعد أكتوبر 2023، لكن الحكومة سمحت ببعض التحويلات للوفاء بالصفقات السابقة، وسط ضغوط شعبية متزايدة على رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني لتعليق التعاون العسكري بالكامل.
تكتلات ومبادرات دولية للحد من تصدير الأسلحة
في يناير 2025، قادت جنوب أفريقيا تكتلًا من ثماني دول لتقييد صادرات الأسلحة لإسرائيل، فيما توسعت المجموعة لتشمل تركيا والعراق وليبيا وعُمان وسانت فنسنت وجزر جرينادين.
كذلك اجتمع زعماء 32 دولة في كولومبيا لمناقشة خطوات إضافية لإنهاء الحرب وفرض قيود على تسليح إسرائيل.
خلاصة الواقع الدولي
تشير هذه القيود والإجراءات إلى تحول كبير في موازين القوة السياسية والدبلوماسية في التعامل مع إسرائيل، حيث تتداخل الاعتبارات الإنسانية والقانون الدولي مع مصالح تجارة الأسلحة والسياسة الإقليمية.
ورغم ذلك، يبقى تأثير الولايات المتحدة وألمانيا محوريًا في استمرار إسرائيل بقدرتها العسكرية، بينما تعكس قيود الدول الأخرى توجهًا متناميًا نحو مساءلة الدول عن سلوكها العسكري وحماية المدنيين، لا سيما في غزة.