الاقتصاد

الفقر يدفع المصريين للتقسيط..حل مؤقت ام فخ مالي؟

 

 

لم يعد التقسيط مجرد وسيلة لتسهيل الشراء، بل أصبح طوق نجاة يلجأ إليه ملايين المصريين في مواجهة الغلاء الفاحش والفقر المتزايد. في كل شارع، وفي كل إعلان، يُعرض على المواطنين “اشترِ الآن وادفع لاحقًا”، بينما الواقع أكثر قسوة: ديون متراكمة، وأسر بأكملها تجد نفسها عالقة في دوامة لا تنتهي، مجرد محاولة للبقاء على مستوى المعيشة تحت ضغوط الأسعار المتصاعدة.

 

الاقتصاد والفقر وراء التقسيط

 

يقول الخبير الاقتصادي خالد الشافعي إن المصريين يلجأون للتقسيط ليس من منطلق الاستهلاك الزائد، بل كوسيلة للتعامل مع الضغوط المالية اليومية. “ارتفاع الأسعار المستمر، وانخفاض دخول الأسر مقارنة بحجم الإنفاق، دفع الكثيرين إلى الاعتماد على نظام التقسيط لتلبية احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء والملابس والتعليم والصحة”، يوضح الشافعي.

 

ويضيف أن الضغوط الاجتماعية والسلوكية ساهمت أيضًا، حيث تسعى الأسر للحفاظ على مستوى المعيشة حتى لو اضطرّت للديون أو للشراء بالتقسيط. ويشير إلى أن العروض البنكية المغرية وأنظمة البيع بالتقسيط وفرت حلولًا مؤقتة، لكنها قد تؤدي إلى أعباء مالية طويلة الأمد.

 

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي سيد خضر إن التقسيط أصبح ضرورة تحت وطأة الغلاء والتضخم، لأنه يتيح للأسر شراء السلع الأساسية على مراحل بدلًا من دفع المبلغ كاملًا مرة واحدة، مؤكدًا أن ارتفاع الأسعار المستمر يجعل من الصعب على الأسر شراء الاحتياجات الضرورية دفعة واحدة.

 

ويضيف أن تغير العادات الاستهلاكية للأسر جعل التقسيط جزءًا من نمط الحياة، لكنه يبقى محفوفًا بالمخاطر على المدى الطويل إذا لم تُدار الديون بحذر.

 

أثر الفقر على المواطنين والاقتصاد

يشير الخبراء إلى أن التقسيط يساعد على تخفيف الضغط المالي على الأسر مؤقتًا، لكنه يؤدي إلى تراكم الديون، ما يزيد صعوبة الحياة مع أي ارتفاع إضافي في الأسعار أو انخفاض في الدخل.

 

أما على مستوى الاقتصاد المصري، فإن تقليد المواطنين لثقافة التقسيط يعزز الاستهلاك المحلي مؤقتًا، لكنه يفاقم التضخم ويزيد العبء المالي على الأسر والشركات على حد سواء.

 

أما الشركات، فهي تستفيد من زيادة المبيعات، لكنها تواجه مخاطر في حالة تأخر العملاء عن سداد أقساطهم، ما قد يؤدي إلى أزمات مالية تؤثر على استقرار السوق.

 

بدائل للتقسيط وإدارة الإنفاق

ترى أستاذة الاقتصاد المنزلي سعاد النجار أن الحل يكمن في ضبط النفقات، مشيرة إلى أهمية الادخار المسبق لشراء السلع نقدًا، واستغلال العروض الموسمية، وتحديد الأولويات بين الحاجات الأساسية والكماليات، لتجنب الوقوع في فخ الديون المستمرة.

 

ومن الجانب الديني، يوضح الدكتور عبد الحليم منصور، أستاذ الفقه المقارن، أن البيع بالتقسيط مشروع شرعي ما دام هناك اتفاق مسبق على سعر محدد ثابت، بعيدًا عن الربا، ويعتبر وسيلة لتسهيل الشراء تحت ضغوط مالية، ما يجعلها أداة مشروعة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

 

الخلاصة

الفقر والغلاء دفعا المصريين للجوء للتقسيط كحل عاجل لتلبية الاحتياجات الأساسية، لكنه يحمل في طياته مخاطر تراكم الديون والاستهلاك المفرط. الحل يكمن في ضبط الإنفاق، واعتماد استراتيجيات بديلة للشراء، لضمان قدرة الأسر على مواجهة الظروف الاقتصادية دون الوقوع في فخ الديون المستمرة، وللحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى