الفاتيكان على صفيح ساخن.. سباق محتدم لخلافة البابا فرنسيس في الكنيسة الكاثوليكية

يترقب العالم الكاثوليكي تطورات المشهد داخل الفاتيكان في ظل تصاعد القلق بشأن صحة البابا فرنسيس، الذي يعاني من مشاكل صحية متزايدة، كان آخرها إصابته بالتهاب رئوي حاد.
ومع بلوغه سن الثامنة والثمانين، أصبح الحديث عن خليفته مسألة حتمية داخل أروقة الكنيسة الكاثوليكية، مما يثير جدلًا واسعًا حول الاتجاه الذي ستسلكه الكنيسة في المرحلة المقبلة.
عملية انتخاب البابا الجديد.. تقاليد صارمة وتنافس محموم
عند وفاة البابا أو تقديم استقالته، كما حدث مع سلفه بندكتوس السادس عشر عام 2013، تنعقد الكونكلاف أو المجمع المغلق داخل الفاتيكان، حيث يجتمع الكرادلة الذين تقل أعمارهم عن 80 عامًا لاختيار البابا الجديد.
وتتم عملية الانتخاب في كابيلا سيستينا من خلال تصويت سري، يشترط فيه حصول المرشح على ثلثي الأصوات من بين الكرادلة الناخبين، الذين يبلغ عددهم حاليًا 138 كاردينالًا من أصل 252.
يتم إجراء أربع جولات تصويت يوميًا، وحال لم يتم التوصل إلى توافق سريع، قد تستمر العملية لأسابيع. وبمجرد اختيار البابا الجديد، يُعلن اسمه للعالم من شرفة كاتدرائية القديس بطرس عبر العبارة اللاتينية الشهيرة “Habemus Papam”، والتي تعني “لدينا بابا جديد”.
سباق متصاعد بين التيارين الإصلاحي والمحافظ
تتجه الأنظار إلى قائمة المرشحين المحتملين لخلافة البابا فرنسيس، حيث يشهد السباق تنافسًا محمومًا بين جناحين رئيسيين داخل الكنيسة:
1 التيار الإصلاحي: يدعو إلى تحديث تعاليم الكنيسة وتوسيع دورها الاجتماعي، مستكملًا النهج الذي اتبعه البابا فرنسيس منذ توليه منصبه عام 2013.
2 التيار المحافظ: يسعى إلى إعادة الكنيسة إلى تقاليدها القديمة، رافضًا بعض الإصلاحات التي اعتُبرت تقدمية، خاصة في القضايا الاجتماعية الشائكة.
وفي ظل هذا الاستقطاب الحاد، تبرز عدة أسماء قوية تتنافس على خلافة البابا فرنسيس، ولكل منها توجهاته ورؤيته لمستقبل الكنيسة الكاثوليكية:
المرشحون الأبرز لخلافة البابا فرنسيس
1- الكاردينال بيترو بارولين (إيطاليا) – المرشح الأقوى
المنصب: أمين سر دولة الفاتيكان (وزير خارجية الفاتيكان)
السن: 69 عامًا
التوجه: وسطي
يعتبر بارولين أبرز المرشحين وأكثرهم حظًا للفوز بالبابوية، نظرًا لدوره البارز في الدبلوماسية الكنسية، حيث قاد المفاوضات المعقدة مع الصين وكوبا، وساهم في تحسين علاقات الفاتيكان مع العديد من الدول. يُنظر إليه كمرشح وسطي قادر على تحقيق التوازن بين الإصلاحيين والمحافظين داخل الكنيسة.
2- الكاردينال ويم إيك (هولندا) – المدافع عن القيم التقليدية
المنصب: رئيس أساقفة أوتريخت
السن: 71 عامًا
التوجه: محافظ
يُعد واحدًا من أشد معارضي الإصلاحات التي أدخلها البابا فرنسيس، خاصة فيما يتعلق بمنح المطلقين الحق في التناول المقدس. درس الطب قبل دخوله إلى السلك الكنسي، وهو معروف بمواقفه الصارمة تجاه قضايا الزواج والتعليم الديني.
3- الكاردينال بطرس إردو (المجر) – الحصن المحافظ في أوروبا
المنصب: رئيس أساقفة بودابست
السن: 72 عامًا
التوجه: محافظ
يتمتع بشعبية كبيرة بين الكرادلة المحافظين، حيث يعارض الزواج المثلي وفتح الكنيسة أمام المطلقين. كما أنه يتبنى مواقف متشددة تجاه قضايا الهجرة، محذرًا من تأثير تدفق اللاجئين على المجتمعات الأوروبية.
4- الكاردينال لويس أنطونيو تاجلي (الفلبين) – الصوت الآسيوي القوي
المنصب: عميد مجمع تبشير الشعوب
السن: 66 عامًا
التوجه: إصلاحي
يُعتبر تاجلي من أكثر الشخصيات المحبوبة في الكنيسة، ويحظى بدعم البابا فرنسيس، الذي منحه العديد من المناصب المهمة. يُعرف بدفاعه عن الفقراء والمهمشين، ويمثل خيارًا قويًا في حال رغبت الكنيسة في تعزيز حضورها في آسيا، حيث يشهد عدد الكاثوليك نموًا ملحوظًا.
5- الكاردينال ماتيو زوبي (إيطاليا) – الوسيط الدبلوماسي
المنصب: رئيس مؤتمر الأساقفة الإيطاليين
السن: 68 عامًا
التوجه: وسطي
يتمتع زوبي بعلاقات قوية داخل الكنيسة، وقد كلفه البابا فرنسيس بمهام دبلوماسية كبرى، أبرزها الوساطة في النزاع الأوكراني. يتميز بقدرته على الجمع بين التيارات المختلفة داخل الكنيسة، ما يجعله خيارًا توافقيًا محتملًا.
6- الكاردينال رايموند ليون بورك (الولايات المتحدة) – المدافع عن العقيدة الصارمة
المنصب: رئيس محكمة الفاتيكان العليا سابقًا
السن: 75 عامًا
التوجه: محافظ متشدد
يُعد من أشد منتقدي البابا فرنسيس، ويرى أن الكنيسة يجب أن تعود إلى تقاليدها الصارمة، خاصة في قضايا مثل الإجهاض والزواج. يحظى بدعم الكاثوليك التقليديين في الولايات المتحدة وأوروبا.
7- الكاردينال فريدولين أمبونجو بيسونجو (جمهورية الكونغو الديمقراطية) – المرشح الإفريقي القوي
المنصب: رئيس ندوة المؤتمرات الأسقفية في إفريقيا ومدغشقر
السن: 64 عامًا
التوجه: محافظ
قد يشكل انتخابه تحولًا كبيرًا في الكنيسة الكاثوليكية، حيث يعكس تزايد النفوذ الكاثوليكي في إفريقيا، التي تشهد أسرع معدلات نمو للمؤمنين الكاثوليك في العالم. يعارض بركة الأزواج من نفس الجنس، ويدعو إلى تعزيز دور الكنيسة في القضايا الاجتماعية.
هل يتجه الفاتيكان نحو التغيير أم العودة إلى التقليدية؟
مع اقتراب موعد الكونكلاف البابوي، تتزايد التكهنات حول المرشح الأقرب لخلافة البابا فرنسيس. فهل ستواصل الكنيسة مسار الإصلاحات والانفتاح الاجتماعي، أم ستتجه نحو التشدد والمحافظة؟
يبدو أن الأسابيع القادمة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل الفاتيكان، وسط صراع بين الأجنحة المختلفة داخل الكنيسة الكاثوليكية، التي تضم أكثر من 1.3 مليار مؤمن حول العالم.