منوعات

العلاقة بين الإنس والجن.. إبليس أول من وقع في الفهم الخاطئ والجن أضعف من الإنسان

في حلقة جديدة من برنامجه التلفزيوني “نور الدين والدنيا”، تناول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية الأسبق، قضية العلاقة بين الجن و الإنس، كاشفًا عن حقائق راسخة في العقيدة الإسلامية حول هذه المخلوقات الغيبية، التي لطالما أثارت فضول البشر وأحاطتها الأساطير والخرافات.

إبليس والجن.. بداية القصة
بدأ الدكتور علي جمعة حديثه باستعراض القصة التي أوردها القرآن الكريم حول خلق آدم، حين أمر الله الملائكة بالسجود له، فسجدوا جميعًا امتثالًا لأمره، إلا إبليس الذي رفض واستكبر، وكان بذلك أول العاصين. وأكد المفتي الأسبق أن إبليس لم يكن من الملائكة، بل كان من الجن، كما جاء في قوله تعالى: “كان من الجن ففسق عن أمر ربه”.

وأوضح أن عالم الجن هو أحد العوالم الغيبية التي خلقها الله، مثل عالم الملائكة والجنة والنار والعرش، والتي لا يدركها الإنسان بحواسه، لكنه يؤمن بها تصديقًا للوحي.

وأشار إلى أن أصل الجن يعود إلى إبليس، الذي قاد تمردًا ضد أمر الله ورفض السجود لآدم، بحجة أنه خُلق من نار، بينما خُلق آدم من طين. وهكذا كان إبليس أول من استخدم القياس الخاطئ، حيث ظن أن تميُّزه يقوم على أصله الناري، بينما الحقيقة أن فضل آدم كان بسبب العقل والعلم الذي وهبه الله له.

العلاقة بين الإنس والجن.. إبليس أول من وقع في الفهم الخاطئ والجن أضعف من الإنسان
الشيطان

إبليس وذريته.. حرب خفية ضد الإنسان
أكد الدكتور علي جمعة أن إبليس لم يكن كائنًا فرديًا، بل له ذرية كما جاء في قوله تعالى: “أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو؟”. وأوضح أن أغلب الجن سلكوا طريق الفساد والانحراف تحت قيادة إبليس، بينما بقيت فئة قليلة منهم على الصلاح.

وأضاف أن الجن المفسد هو الذي يحاول إغواء الإنسان وإلقاء الوساوس في عقله، وهذا ما يُعرف بـ”الوسواس الخناس”، أي أنه يُوسوس للإنسان ثم يختفي عندما يُذكر الله، مؤكدًا أن ذكر الله والتعوذ منه كفيل بطرد وساوس الشيطان وإبعاده عن الإنسان.

هل الجن أقوى من الإنسان؟
في سياق الحديث عن تأثير الجن، طمأن الدكتور علي جمعة المشاهدين بأن الجن في الحقيقة أضعف من الإنسان، رغم امتلاكهم بعض القدرات الخاصة، مؤكدًا أن الله أعطى الإنسان القدرة على التغلب عليهم بذكر الله، وتلاوة القرآن، والاستعاذة.

واستشهد بقول الله تعالى: “إن كيد الشيطان كان ضعيفًا”. وبيّن أن الخوف من الجن نابع من الوهم أكثر منه من الحقيقة، مشيرًا إلى أن الخرافات المنتشرة حول تسلط الجن على البشر تُضخّم من تأثيرهم، بينما الحقيقة أن الإنسان هو الأقوى، وأن الشيطان يخاف ممن يذكر الله حق الذكر.

العلاقة بين الإنس والجن.. إبليس أول من وقع في الفهم الخاطئ والجن أضعف من الإنسان
علي جمعة

الجن والتلبس.. بين الحقيقة والخرافة
وفي سياق الرد على الأسئلة حول “تلبس الجن” للإنسان، أكد الدكتور علي جمعة أن البعض يبالغ في نسبة الأمراض النفسية والمشكلات الحياتية إلى تأثير الجن، مشيرًا إلى أن هناك فرقًا بين الوسوسة الشيطانية وبين المرض النفسي الذي يحتاج إلى علاج طبي.

وضرب مثالًا بأشخاص يدّعون أنهم ممسوسون أو مسحورون، بينما يكون السبب الحقيقي هو اضطرابات نفسية تحتاج إلى علاج. وأضاف أن الرقية الشرعية وقراءة المعوذتين هما الحل الأولي، فإن زالت الأعراض، كان ذلك من تأثير الوساوس، وإن استمرت، وجب اللجوء إلى الطبيب النفسي.

لماذا يُحبس الجن في رمضان؟
أجاب الدكتور علي جمعة على تساؤل حول سبب تقييد الجن في رمضان، موضحًا أن الأمر لا يعني اختفاء الجن تمامًا، بل أن مردة الشياطين فقط هم الذين يُكبّلون، حتى يُتاح للإنسان فرصة لعبادة الله دون مؤثرات خارجية، بينما يبقى تأثير الوساوس البسيطة من الشياطين الأضعف قائمًا.

العلاقة بين الإنس والجن.. إبليس أول من وقع في الفهم الخاطئ والجن أضعف من الإنسان
علي جمعة

هل عرش الشيطان على الماء؟
ردًا على سؤال حول صحة مقولة أن “عرش الشيطان على الماء”، أشار الدكتور علي جمعة إلى أن ذلك ورد في بعض الأحاديث النبوية، موضحًا أن المعنى قد يكون رمزيًا، في إشارة إلى الخرائب والأماكن المهجورة التي يُعتقد أن الجن يتواجدون فيها.

لماذا خلق الله الجن رغم أنهم يؤذون البشر؟
أجاب الدكتور علي جمعة على سؤال حول سبب خلق الله للجن رغم أنهم يؤذون الإنسان، موضحًا أن الدنيا دار اختبار وابتلاء، وأن الله منح الإنسان حرية الاختيار بين الخير والشر، وأن وجود الجن هو جزء من هذا الابتلاء. واستشهد بقوله تعالى: “وهديناه النجدين”, موضحًا أن الإنسان مخيّر بين طريق الخير الذي يقوده إلى الجنة، وطريق الشر الذي قد يقوده إلى الضلال.

الإنسان أقوى من الجن بالإيمان
اختتم الدكتور علي جمعة حديثه بالتأكيد على أن الخوف من الجن لا ينبغي أن يكون هاجسًا للإنسان المؤمن، مشيرًا إلى أن القوة الحقيقية ليست في القدرات الخارقة، بل في قوة الإيمان بالله. ونصح المشاهدين بعدم الانسياق وراء الخرافات والمبالغات حول عالم الجن، مؤكدًا أن التحصن بالقرآن والأذكار هو السبيل الأقوى للحماية من أي وساوس شيطانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى