أستطيع أن أتفهم سعي وزير النقل إلى التقدم للبرلمان للحصول على موافقته ليتمكن من الحصول على قرض لإتمام اعمال وزارة النقل سواء كان هذا فيما يتعلق بالطرق أو بالمناطق اللوجستية.. إلخ، فمما لا شك فيه أن توفير التكنولوجيات والمعدات المستوردة ليتمكن الوزير من إتمام خطط الوزارة، سواء اتفق البعض أو اختلف حول جدوى تلك المشروعات ومن ثم القروض. لكنها بلا شك تبقى ضرورة ملحة لاستكمال ما بدأناه في بناء الجمهورية الجديدة.
لكنى أقف بالعديد من علامات الاستفهام امام تصريحات وزير التموين بأن الحكومة تترقب موافقة البرلمان على اتفاقية تمويل شراء القمح من شركة الظاهرة الإماراتية المتخصصة في الأعمال الزراعية بقيمة 500 مليون دولار، حيث تنص الاتفاقية بحسب تصريحات وزير التموين: على استيراد مصر شحنات من القمح بقيمة 100 مليون دولار سنويا على مدى خمس سنوات، مع توفير التمويل من مكتب أبو ظبي للصادرات، والذي يمثل ذراع تمويل الصادرات لصندوق أبو ظبي للتنمية، والتي بناءاً عليها ستتمكن شركة الظاهرة من المشاركة في المناقصات الدولية التي تصدرها الهيئة العامة للسلع التموينية لشراء القمح مثل أي مورد آخر، على أن يجري تمويلها من مكتب أبو ظبي للصادرات.
تعد شركة الظاهرة الإماراتية احد أوجه الاستثمار الإماراتي في مصر التي نشجعة ونحرص علية ونسعى جاهدين لزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في مصر. تمتلك الظاهرة الإماراتية نحو 70 ألف فدان في توشكى وشرق العوينات، كما تُعد أكبر منتج للقمح من القطاع الخاص في مصر. حيث باعت الشركة ما يزيد عن 180 ألف طن من القمح للحكومة على مدار السنوات الثلاث الماضية، ما يجعلها أكبر مورد قمح محلي للهيئة العامة للسلع التموينية. وبالتالي فالشركة تعمل في مصر وتقوم بتوريد انتاجها للحكومة المصرية طبقاً للأسعار المحلية التي تعلنها وزارة التموين. فهل ستقوم الشركة بالدخول في المناقصات التي تطرحها وزارة التموين لتبيع إنتاجها المحلي في مصر بالعملة الصعبة؟ أم للشركة مساحات أخرى مزروعة بالقمح في أراضي خارج مصر، ستقوم بتوريد إنتاجها خلال تلك المناقصات.؟ أم ستقوم الشركة بالتعاقد في الشركات والموردين في الدول المصدرة للقمح نيابة عن الحكومة المصرية؟ وبعيداً عن القمح والتوريد ماهي قيمة الفوائد التي ستتحملها الدولة للحصول على هذا التمويل؟
البرلمان في إجازة صيفية وتلك الأسئلة المشروعة يجب الحصول على إجابات لها من السيد وزير التموين. وإذا ما وافق البرلمان على تلك الاتفاقية لتدخل حيز التنفيذ في يناير القادم.. فهل ستورد الشركة انتاجها المحلي بالعملة الأجنبية للحكومة في إطار الاتفاقية ونكون أمام وزير يرسخ لظاهرة الدولرة في الاقتصاد المصري. تلك الظاهرة التي انتشرت في قطاع الادوية وقطاع الحديد والصلب مروراً بشراء وتأجير العقارات. ولها تأثيراتها السلبية على الاقتصاد ككل.