الشيخ محمد سيد طنطاوي يشرح معنى كلمة “سيناء” والشجرة المباركة في القرآن

في تفسيره للآية 20 من سورة المؤمنون، تحدث الشيخ محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر السابق، عن مكانة “سيناء” في القرآن الكريم ودلالتها التاريخية والجغرافية، موضحًا معنى كلمة “سيناء” وأهمية الشجرة التي تنبت فيها.
تبدأ الآية الكريمة بقول الله تعالى: «وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ»، وهي آية تتحدث عن شجرة الزيتون المباركة التي تنبت في منطقة طور سيناء، تلك المنطقة التي لها مكانة خاصة في التاريخ الإسلامي والأنبياء، حيث ارتبطت بكلام الله تعالى مع نبيه موسى عليه السلام. وفي هذا السياق، قام الشيخ طنطاوي بتوضيح أن الشجرة المشار إليها في الآية هي شجرة الزيتون، وهي شجرة معروفة ببركتها وفوائدها العديدة، والتي تنمو بشكل خاص في هذا المكان المقدس.
معنى “سيناء” في اللغة والشرع
وتابع الشيخ طنطاوي في تفسيره للكلمة “سيناء”، موضحًا أنها في اللغة النبطية تعني “الحسن”، وهي بذلك تعكس جمال الأرض وطبيعتها الخلابة. كما ذكر أن هناك قولًا آخر يربط الكلمة بمعنى “الجبل المليء بالأشجار”، مما يتوافق مع طبيعة سيناء الجغرافية التي تضم العديد من الجبال والأودية. كما أشار إلى أن بعض العلماء رأوا أن كلمة “سيناء” قد تكون مشتقة من كلمة “السنا”، والتي تعني الارتفاع أو العلو، وهو ما يعكس الارتفاع الجغرافي لمنطقة سيناء عن سطح البحر.
وبذلك، فإن كلمة “سيناء” تحمل في طياتها دلالات جمالية وسموًّا في المعنى، سواء من حيث الجمال الطبيعي للأرض أو من حيث المكانة الروحية العالية التي تكتسبها هذه المنطقة في التاريخ الديني. إنها أرض مباركة، اختارها الله لتكون مسرحًا للكثير من الأحداث الكبرى في حياة الأنبياء.
طور سيناء والشجرة المباركة
وأضاف الشيخ طنطاوي أن شجرة الزيتون التي تنبت في منطقة طور سيناء، كما ورد في الآية الكريمة، قد خصها الله بذكر خاص لما لها من فوائد عظيمة. فشجرة الزيتون ليست فقط شجرة ذات فوائد غذائية وطبية، بل هي أيضًا رمز للبركة والنماء في الإسلام. وقد فسر الشيخ طنطاوي قوله تعالى “تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ” بأن الله تعالى ذكر الزيتون على وجه الخصوص لما له من قيمة غذائية، حيث يُستخرج من ثمرتها الزيت الذي يعد من أغنى المصادر الغذائية في العالم، فضلًا عن استخدامه في الطهي والعلاج.
كما بين الشيخ طنطاوي أن “الدهن” في الآية يشير إلى زيت الزيتون، وأنه من أكثر المواد الغذائية فائدة لصحة الإنسان. وأضاف أن “الصبغ” هنا لا يقصد به الصبغ بمعنى الطلاء على الثياب، بل هو إشارة إلى الاستخدام الغذائي للزيت في تطييب الطعام وإعطائه مذاقًا لذيذًا، مما يعكس أهمية الزيتون في حياة الإنسان اليومية.
الزيتون: شجرة مباركة
وفي الختام، أكد الشيخ طنطاوي أن شجرة الزيتون، بفضل ما تحمله من خصائص وفوائد، تُعد من أكثر الأشجار التي يبارك الله فيها. وهي شجرة تخرج من أرض مباركة، “طور سيناء”، والتي تتمتع بمكانة خاصة لدى المسلمين، فقد شهدت العديد من الأحداث التاريخية المهمة، وكان فيها لقاء الله مع نبيه موسى عليه السلام. وكمثال على بركة هذه الشجرة، نقل الشيخ طنطاوي حديثًا نبويًا شريفًا قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة»، مما يبرز فضل الزيتون وعظمته في الشريعة الإسلامية.
تستمر هذه الشجرة المباركة في العطاء للبشرية، من خلال ثمارها التي توفر للإنسان زيتًا يعين على الغذاء والشفاء، مما يجعل من “طور سيناء” ليس مجرد أرض جغرافية، بل أرضًا مقدسة تحمل في جنباتها بركة الله وعطاءه.