تقارير وتحليلات

الاحتلال يفتح النار على نفسه.. تحقيق إسرائيلي شامل في العملية البرية بغزة بعد إخفاقات 7 أكتوبر

 

يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لفتح تحقيق موسع في عمليته البرية التي أطلقها داخل قطاع غزة أواخر أكتوبر 2023، في خطوة تعكس مرحلة جديدة من مراجعة الذات، بعد مرور ما يقرب من عامين على الهجوم المفاجئ الذي نفذته الفصائل الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية في 7 أكتوبر 2023، بحسب ما كشفت عنه صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.

وذكرت الصحيفة أن التحقيق المتوقع انطلاقه خلال الأشهر المقبلة سيُسلط الضوء على كيفية إدارة الجيش لحملته البرية في غزة، وسيستغرق على الأرجح عامًا كاملًا، حيث سيتناول بالتفصيل التخطيط العملياتي، وأساليب القتال، وقرارات القيادة، في محاولة لاستخلاص دروس استراتيجية طويلة الأمد.

ضابط كبير للإشراف وتحقيقات منهجية
من المرتقب أن يُعين جيش الاحتلال ضابطًا رفيع المستوى، برتبة لواء أو عميد، للإشراف على ما يُعرف بـ”تحقيق مناورة غزة”، وسط ترجيحات بأن يتولى هذه المهمة اللواء دان نيومان، رئيس الكليات العسكرية حاليًا، رغم أن القرار لم يُحسم بعد.

وسيشمل التحقيق، بحسب الصحيفة، قضايا أوسع من تلك التي تناولتها التحقيقات السابقة، حيث ستركز على المنهجية العسكرية العامة، وليس فقط على الدروس التكتيكية داخل الكتائب. وسيقود ضباط كبار فرق التحقيق لتحليل الأداء في مختلف الجبهات، خاصة في القوات البرية التي تشهد حاليًا إصلاحات تنظيمية عميقة.

غياب خطة مسبقة
ووجهت الصحيفة انتقادات حادة لغياب خطة عملياتية مسبقة لغزو شامل لغزة، مشيرة إلى أن القيادة الجنوبية الإسرائيلية اضطرت إلى إعداد خطة حرب كاملة خلال أسبوعين فقط، وهو ما كان يتطلب بطبيعة الحال شهورًا من التحضير. واعتبر مسؤولون عسكريون أن هذا القصور يُظهر سوء التقدير المزمن من قبل القادة العسكريين والسياسيين تجاه احتمال اندلاع حرب بهذا الحجم.

“عربات جدعون”: إشعارات الإخلاء تُفشل المهام
ولفتت الصحيفة إلى خلافات داخل الجيش بشأن أسلوب تنفيذ عملية “عربات جدعون”، حيث أبدى قادة ميدانيون مخاوف من أن إصدار إشعارات إخلاء قبل دخول المناطق المأهولة أتاح لعناصر حماس الهروب مع المدنيين، ما أدى إلى بقاء جيوب مقاومة صغيرة في بعض المناطق.

وطالب بعض القادة بتبني استراتيجية “الحصار” قبل إخلاء المناطق، كما جرى في عمليتي جباليا ورفح، لتشديد القبضة على مقاتلي المقاومة قبل تمكينهم من الفرار.

تقرير ترجمان: استقالات محتملة
في موازاة ذلك، سُلّمت أجزاء من التحقيقات السابقة المتعلقة بإخفاقات 7 أكتوبر إلى مكتب مراقب الدولة، بموجب اتفاق بين رئيس الأركان إيال زامير والمراقب ماتانياهو إنجلمان، لإنهاء خلاف طال أمده منذ بداية الحرب.

ويُنتظر أن يقدم اللواء المتقاعد سامي ترجمان، رئيس لجنة التحقيق السابقة، تقريره النهائي خلال الأسابيع المقبلة، والذي يُتوقع أن يكون من أكثر التقييمات شمولًا ونقدًا للحرب، وقد يتضمن توصيات بإقالة عدد من الضباط لا يزالون في مناصبهم.

الخلاصة
يبدو أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أمام لحظة محاسبة غير مسبوقة، خاصة بعد سلسلة من الإخفاقات التي فُضحت أمام الداخل والخارج منذ هجوم 7 أكتوبر، حيث يهدف التحقيق المرتقب إلى إعادة رسم استراتيجية الاحتلال المستقبلية، وربما إلى الإطاحة برؤوس كبيرة داخل المنظومة الأمنية، في ظل ضغوط متزايدة من الرأي العام الإسرائيلي، وقلق متصاعد من استمرار النزيف العسكري والسياسي في غزة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى