تقارير وتحليلات

الاتحاد الأوروبي يعلق العقوبات ضد إسرائيل مؤقتًا.. وإسبانيا تحذر من المناورات الدبلوماسية

 

في خطوة دبلوماسية دقيقة، أكد الاتحاد الأوروبي استمرار التزامه بجهود تثبيت السلام في قطاع غزة، مع تعليق مؤقت لأي عقوبات على إسرائيل، في انتظار نتائج المسار السياسي الذي أطلقته قمة شرم الشيخ الأخيرة.

 

القرار جاء بعد اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في لوكسمبورج، حيث سلطت الضوء كايا كالاس، الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد، على حساسية الموقف الإنساني في غزة وضرورة منح فرصة حقيقية للجهود الدبلوماسية قبل اللجوء إلى إجراءات قاسية.

 

وقالت كالاس إن الاتحاد الأوروبي يظل مستعدًا للتحرك بسرعة إذا فشلت خطة السلام، أو استؤنفت الهجمات على المدنيين، مؤكدة أن تعليق العقوبات مؤقت ويهدف إلى دعم مسار التهدئة وتحفيز الأطراف على الالتزام بالاتفاقيات.

 

وتكشف الوثائق الرسمية للمفوضية الأوروبية أن اقتراح فرض عقوبات على إسرائيل قد صيغ منذ سبتمبر الماضي، ويشمل تعليق بعض بنود اتفاق الشراكة، وتجميد المعاملة التجارية التفضيلية، وإدراج بعض الوزراء الإسرائيليين على قوائم العقوبات.

 

ورغم دعم فرنسا وإسبانيا لهذه الخطوة، أعربت كل من المجر والتشيك عن تحفظاتها، مؤكدة أن الأولوية يجب أن تكون للمسار السياسي والجهود الدبلوماسية.

 

برزت إسبانيا كأحد الأصوات الأكثر تشددًا داخل الاتحاد الأوروبي، حيث شدد وزير خارجيتها خوسيه مانويل ألباريس على أن “السلام لا يعني النسيان أو الإفلات من العقاب”، مشيرًا إلى أن ما حدث في غزة لا يمكن تجاوزه بمناورات دبلوماسية مؤقتة، وأن العقوبات تمثل وسيلة ضرورية لضمان العدالة وحماية القانون الدولي.

 

وأضاف أن موقف مدريد يطالب بتعليق كامل للاتفاق مع إسرائيل وليس جزئيًا، بما يتماشى مع قيم الاتحاد الأوروبي ومبادئه.

 

في المقابل، اعتبرت كالاس أن قمة شرم الشيخ لعبت دورًا مهمًا في تقريب وجهات النظر بين القوى الإقليمية، مشيدة بالدور المصري في تهيئة الأجواء للمفاوضات وفتح نافذة جديدة لمسار السلام.

 

ومن جانبها، أكدت فرنسا دعمها للمسار الدبلوماسي، لكنها لم تستبعد إعادة النظر في العقوبات في حال استمرار القصف أو تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، فيما شددت ألمانيا على أهمية الحفاظ على وحدة الموقف الأوروبي لضمان نجاح أي مبادرة مستقبلية.

 

ويقول محللون في بروكسل إن قرار التعليق لا يعني التراجع عن فكرة العقوبات، بل يعكس استراتيجية مزدوجة تحاول تحقيق توازن بين دعم فرص السلام والاحتفاظ بأدوات الضغط على إسرائيل.

 

ويضيف هؤلاء أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى التوفيق بين التزامه بالقيم الإنسانية ومصالحه السياسية في المنطقة، وهو اختبار حساس لمسار السياسة الأوروبية الخارجية.

 

من ناحية أخرى، يشير المراقبون إلى أن نجاح قمة شرم الشيخ على نحو نسبي منح الأوروبيين فرصة لتأجيل الإجراءات العقابية، على أن يُختبر التزام الأطراف المعنية بخطة السلام التي تتضمن وقفًا تدريجيًا لإطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، وإطلاق مفاوضات حول مستقبل القطاع.

 

ورغم ذلك، يحذر خبراء العلاقات الدولية من أن الاتحاد الأوروبي سيواجه اختبارًا حقيقيًا في الأسابيع المقبلة، بين إثبات قدرته على التأثير الفعلي في الصراع عبر سياسة موحدة وواضحة، أو العودة إلى الانقسام الذي أضعف مواقفه السابقة تجاه إسرائيل، مما قد يترك المجال لمزيد من التصعيد في المنطقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى