مباشر مصر

الأزهر للفتوى: اللجوء إلى “البشعة” لإثبات الاتهام أو نفيه عادة جاهلية محرمة شرعًا

 

 

 

 

أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الإسلام أقام منظومة العدل على قواعد راسخة تحفظ الحقوق وتصون الكرامة الإنسانية، ونهى عن كل وسيلة تُهين الإنسان أو تظلمه أو تُعرضه للضرر، ومن أخطر هذه الوسائل ما يُعرف بـ«البشعة»، وهي ممارسة تقوم على الإكراه والإذلال ولا ترتبط بالقضاء أو البينات الشرعية، بل تُعد من بقايا الجاهلية التي أبطلها الإسلام.

 

وأوضح المركز أن «البشعة» لون من ألوان الكهانة وادعاء معرفة الغيب، وتشبه ما كان عليه أهل الجاهلية من الاستقسام بالأزلام الذي قال فيه الحق سبحانه: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: 3]، مؤكدًا أنها باب من أبواب الفساد والباطل يحرم العمل به أو التحاكم إليه.

 

وأضاف المركز أن «البشعة» تنطوي على صور متعددة من التعذيب البدني والنفسي؛ إذ تتضمن التخويف والإذلال والتعذيب بالنار، التي قال عنها النبي ﷺ: «إنَّ النَّارَ لا يُعَذِّبُ بهَا إلَّا اللَّهُ» [البخاري]، كما قال ﷺ: «إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ في الدُّنْيَا» [مسلم]. وفيها كذلك تمثيل بالإنسان المُكرّم شرعًا، وقد «نَهى النبي ﷺ عَنِ النُّهْبَى والمُثْلَةِ» [البخاري].

 

وأشار الأزهر للفتوى إلى أن الخضوع لهذه الممارسات الجاهلية يُخلّف وصمة تلازم من يتعرض لها طوال حياته، حتى لو ثبتت براءته لاحقًا، وهو ما يترك آثارًا نفسية واجتماعية عميقة، فضلًا عن اتساع دائرة العقوبة لتشمل مشتبهًا فيهم دون بينة أو دليل، بما يناقض قواعد الشرع والقانون.

 

وأفاد المركز بأن الشرع أغلق كل أبواب الخرافة في إثبات الحقوق، ومنع وسائل الابتزاز والترهيب والعبث بمصائر الناس، وجعل الاحتكام إلى البينة لا إلى الادعاء، لقوله ﷺ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» [متفق عليه]، وقوله ﷺ: «البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ» [الترمذي].

 

وأكد المركز أن طرق الإثبات الشرعية محددة ومنضبطة، وأن «البشعة» ليست مجرد خطأ، بل جريمة شرعية وإنسانية؛ لما تشتمل عليه من الإكراه والإيذاء الجسدي والنفسي واستغلال الضعفاء والتعدي على اختصاص القضاء، وقد قال ﷺ: «لا ضَرَرَ ولا ضِرَار» [الحاكم].

 

وشدد المركز على أنه لا يجوز التحاكم إلى «البشعة» أو العمل بها أو إكراه أي شخص عليها، ولا الاعتداد بنتائجها، بل الواجب ردّ النزاعات إلى القضاء المختص القائم على البينات والإجراءات العادلة وحفظ الحقوق بعيدًا عن أساليب الترهيب والابتزاز.

 

واختتم الأزهر للفتوى بضرورة عدم نشر المقاطع أو الصور أو الأخبار التي تروج لهذه الممارسة، لما يسببه ذلك من إحياء للعادات الجاهلية وإشاعة للباطل وتعدٍ على كرامة الإنسان، فضلًا عن إثارة الفتنة وتشويه الوعي وهبوط الذوق العام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى