تقارير وتحليلات

إسرائيل الكبرى.. تمدد عسكري في سوريا ولبنان وسط ترتيبات إقليمية مثيرة للجدل

تقترب إسرائيل من تحقيق ما تصفه بـ”إسرائيل الكبرى”، بعد توغلها العسكري في الأراضي السورية واللبنانية، حيث باتت قواتها داخل ريف دمشق وفي خمس نقاط بالجنوب اللبناني، فارضة شروطها على الحكومتين السورية واللبنانية، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشرًا على تغيير جذري في خريطة الصراع بالمنطقة.

جذور الفكرة

تستند فكرة “إسرائيل الكبرى” إلى نصوص توراتية وردت في سفر التكوين (15: 18-21)، حيث يُذكر أن الأرض الممنوحة لذرية إبراهيم تمتد “من نهر مصر إلى نهر الفرات”، وتشمل مساحات واسعة من المنطقة العربية، من فلسطين ولبنان وسوريا والأردن والعراق، وصولًا إلى شبه الجزيرة العربية وأجزاء من تركيا وشرق النيل.

الوضع الميداني في سوريا

في سوريا، باتت البلاد مكشوفة أمام الضربات الإسرائيلية، إذ وصل سلاح الجو الإسرائيلي إلى محيط القصر الرئاسي في دمشق وهيئة الأركان، واحتل مناطق في ريف القنيطرة وصولًا إلى بلدة بيت جن القريبة من العاصمة.
وأكد الجيش الإسرائيلي استهداف موقع عسكري قرب القصر الرئاسي، بينما أعلن التلفزيون السوري تضرر مبنى هيئة الأركان المؤلف من أربعة طوابق جراء الغارات.

الغارات الإسرائيلية امتدت أيضًا إلى محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، حيث دعمت بعض الفصائل المسلحة في مواجهة قوات النظام، وسط تصريح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن بلاده “ملتزمة بحماية الدروز” والحفاظ على جنوب سوريا منزوع السلاح.

وفي المقابل، اتهم أحمد الشرع، رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، إسرائيل بـ”السعي إلى تمزيق البلاد وتحويلها إلى ساحة فوضى دائمة”.

كما كشفت القناة الإسرائيلية “كان 11″ أن إسرائيل بحثت بجدية نقل السيادة على جبل الشيخ ومزارع شبعا إلى سوريا مقابل تخلي دمشق عن مطالبها بهضبة الجولان، غير أن المحادثات توقفت عقب مجزرة السويداء.

أصوات سورية

المحلل السياسي السوري عمر الحبال أكد لـ”تليجراف مصر” أن “السلام الذي تطرحه إسرائيل هو سلام مقابل سلام، ولن يتحقق دون عودة الجولان”، معتبرًا أن الوضع السوري المنهار اقتصاديًا يفتح الباب أمام تدخلات إسرائيلية واسعة.

أما الإعلامي طالب بوحمدان من السويداء، فرأى أن الضربات الإسرائيلية هدفت بالأساس إلى تأجيج الصراع الطائفي، مشيرًا إلى أن بعض الدروز عبروا الحدود من إسرائيل لدعم أقاربهم في السويداء، وهو ما استغلته تل أبيب لتبرير تدخلها.

في حين اعتبرت المحللة السياسية لمار أركندي أن دخول الجيش الإسرائيلي إلى ريف دمشق تم بتفاهمات سرية بين السلطة الانتقالية ووفد إسرائيلي في باريس، مرجحةً نقل العاصمة السورية إلى حلب في إطار ترتيبات جديدة.

لبنان تحت الضغط

في لبنان، ارتفعت حدة المطالب الإسرائيلية مع ورقة أمريكية تدعو لنزع سلاح حزب الله، وسط تهديدات باجتياح واسع للجنوب. ورغم تمسك بيروت بمطلب الانسحاب الإسرائيلي ووقف الغارات، إلا أن الضغوط الدولية دفعتها للقبول بمناقشة الملف.

السياسي اليساري اللبناني سراج بهجت قال لـ”تليجراف مصر” إن “قرار نزع سلاح حزب الله فُرض من الخارج”، مشككًا في قدرة الحزب على الصمود، مؤكدًا أنه فقد زمام المبادرة ولم يعد قادرًا على تغيير قواعد الاشتباك.

وبينما يتواصل التصعيد، يبقى المشهد مرشحًا لمزيد من التعقيد، في ظل تمدد إسرائيلي غير مسبوق ورهانات دولية على إعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى