تقارير وتحليلات

ألمانيا على حافة الهاوية.. معاشات التقاعد تهدد الوظائف وترفع الفقر لمستويات قياسية

 

حذر خبراء اقتصاديون ومسؤولون حكوميون في ألمانيا من أن البلاد تواجه خطر فقدان أعداد كبيرة من الوظائف وارتفاع معدلات الفقر بين كبار السن، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لضبط التكاليف الباهظة لنظام المعاشات التقاعدية.

 

وتشير تقارير صحيفة تايمز البريطانية إلى أن الحكومة الألمانية تكافح للتعامل مع فجوة تمويلية تقدر بـ172 مليار يورو في خطط الإنفاق لبقية العقد، وسط خلاف متصاعد داخل الائتلاف الحاكم حول حجم دولة الرفاهية.

 

ويقدر خبراء الاقتصاد أن الأجيال الشابة ستتحمل عبئًا هائلًا ما لم تُتخذ خطوات جذرية لمعالجة فاتورة المعاشات، التي تتجاوز 400 مليار يورو سنويًا.

 

وأثار المستشار الاقتصادي المحافظ فريدريش ميرتس جدلًا واسعًا، موضحًا أن ألمانيا “عاشت فوق إمكانياتها لسنوات، ولم تعد قادرة على تحمل تكاليف النظام”، مشيرًا إلى أن نفقات المعاشات ارتفعت إلى أكثر من 31% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو من بين أعلى المعدلات في أوروبا.

 

وأكد ميرتس ضرورة اتخاذ إجراءات تقشفية “مؤلمة” لضمان قدرة الأجيال الشابة على تحقيق الرخاء مستقبلًا.

 

من جانبها، رفضت وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية بيربل باس، المنتمية للحزب الديمقراطي الاجتماعي، تصريحات ميرتس ووصفتها بأنها “هراء”، مشيرة إلى أن النقاش حول إصلاحات النظام يجب أن يأخذ في الاعتبار العدالة الاجتماعية وحماية حقوق المتقاعدين.

 

وأكد مارسيل فراتشر، رئيس المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية ومستشار وزارة الاقتصاد، أن الأولوية الحالية تكمن في السيطرة على فاتورة المعاشات العامة، وسط توقعات بارتفاع كبير في الإنفاق خلال العقد المقبل.

 

وأشارت وزارة الاقتصاد، من خلال ورقة بيضاء أعدها أربعة خبراء، إلى أن النظام الحالي “غير فعّال” ويشكل “تهديدًا خطيرًا” لركائز الاقتصاد الألماني، فيما قالت وزيرة الاقتصاد كاترينا رايش إن الإصلاح “حاجة عميقة وملحّة لضمان قدرة البلاد على تحمل تكاليف المعاشات”.

 

ويُموَّل النظام التقاعدي في ألمانيا عبر مساهمات العمال وأصحاب العمل، ويضمن للمتقاعد المتوسط الحصول على 48% من راتبه السابق، إلا أن الأموال الواردة لا تكفي لمواجهة المدفوعات، ما يضطر دافعي الضرائب إلى تغطية عجز إضافي يقدر بـ121 مليار يورو هذا العام، أي نحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بميزانية الدفاع السنوية.

 

وتشير التقديرات إلى أن المساهمات في صناديق التأمين الاجتماعي، بما في ذلك التقاعد والرعاية الصحية وكبار السن، تصل حاليًا إلى 43% من راتب الشخص المتوسط، ومن المتوقع أن تصل إلى 46% بحلول نهاية العقد.

ويقول فراتشر إن السيناريو الأسوأ قد يؤدي إلى فقدان وظائف كثيرة، بينما يزيد السيناريو الثاني من فقر كبار السن بشكل حاد.

 

وأظهر استطلاع رأي حديث لصالح قناة ZDF أن 94% من الألمان يخشون تعرض نظام التقاعد لمشكلات خطيرة، لكن 72% منهم لا يثقون في قدرة الحكومة على إصلاحه.

 

وفي محاولة لتخفيف العبء المستقبلي، تدرس وزارة الاقتصاد ربط سن التقاعد بمتوسط العمر المتوقع، على غرار ما حدث في الدنمارك، حيث ارتفع سن التقاعد تدريجيًا من 67 عامًا إلى 70 عامًا بحلول 2040.

كما يقترح فراتشر تحديد سن التقاعد حسب مستوى الدخل، بحيث يبدأ أصحاب الرواتب العالية الحصول على معاشاتهم في وقت لاحق، بينما يحصل أصحاب الدخول المنخفضة على المعاش في وقت أبكر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى