أرض الفرص.. البنك الدولي: مصر على أعتاب نمو مستدام يقوده القطاع الخاص ويخلق ملايين الوظائف

كشف تقرير حديث صادر عن البنك الدولي عن إمكانات اقتصادية هائلة تمتلكها مصر، تضعها في موقع مثالي لتحقيق قفزة نوعية نحو النمو المستدام والشامل.
وأكد التقرير أن مفتاح هذا التحول يكمن في إطلاق العنان لقوة الشباب والمرأة، وتمكين القطاع الخاص ليكون المحرك الرئيسي لخلق فرص العمل، مشيراً إلى أن التنفيذ الكامل للإصلاحات المخططة يمكن أن يدفع الاقتصاد المصري للنمو بأكثر من 6% سنوياً بين عامي 2026 و 2050.
ثروة الشباب والمرأة.. إمكانات ضخمة لتعزيز الناتج المحلي
يُسلط البنك الدولي الضوء على أن الشباب المصري يمثل ثروة حقيقية وطاقة قادرة على إحداث تحول جذري في الاقتصاد الوطني. وتُظهر تقديرات البنك أن:
توظيف الشباب: قد يسهم تحقيق التوظيف الكامل للشباب في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 36%.
سد الفجوة بين الجنسين: يمكن لسد فجوة التوظيف بين الجنسين أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تُقدر بنحو 68%، مما يؤكد الدور المحوري للمرأة في دفع عجلة التنمية.
ويؤكد التقرير أن هذه الأرقام دليل قاطع على أن مصر تقف على عتبة مرحلة جديدة من النمو المستدام، وأن هذا النمو الطموح يمكن أن يوفر نحو 2.3 مليون فرصة عمل سنوياً. وتستند هذه الرؤية إلى السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التي لا تقتصر على مجرد رفع معدلات التوظيف، بل تشمل بناء مؤسسات قوية، واعتماد لوائح تنظيمية فعالة، وضمان استقرار الاقتصاد الكلي، وتهيئة بيئة شاملة تدعم تمكين المرأة والشباب.
القطاع الخاص المحرك الأساسي لخلق الوظائف
يُشدد البنك الدولي على أن القطاع الخاص هو العمود الفقري للاقتصاد المصري والقوة الدافعة الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة، حيث ينتج حوالي 75% من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر فرص عمل لأكثر من 80% من القوى العاملة.
خطوات حكومية لتمكين الأعمال:
يرصد التقرير الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لتعزيز بيئة الأعمال وتذليل العقبات أمام الشركات الخاصة، ومن أبرزها:
التحول الرقمي:
إطلاق برنامج “مصر الرقمية” لتوسيع نطاق تسجيل الشركات وتفعيل التوقيع والمدفوعات الإلكترونية، مما يسهل على رواد الأعمال بدء مشروعاتهم.
تحديث الجمارك:
جهود تحديث منظومة الجمارك أسفرت عن انخفاض فترة الإفراج عن البضائع من 16 يوماً إلى 8 أيام فقط، مما يعزز تنافسية الصادرات.
إصلاحات الاستثمار:
إدخال إصلاحات بموجب وثيقة سياسة ملكية الدولة لعام 2022 لتعزيز المنافسة والابتكار، بالإضافة إلى تحسين تخصيص الأراضي الصناعية وتطوير برامج التدريب المهني والفني.
ويُؤكد البنك أن تخفيف القيود من خلال لوائح تنظيمية واضحة، وتحسين سبل الحصول على الأراضي والتمويل، وزيادة الشفافية، هي عوامل حاسمة لتعزيز مناخ الاستثمار وإطلاق العنان لإمكانات خلق فرص العمل بقيادة القطاع الخاص.
مشروعات البنك الدولي.. تحويل الإصلاحات إلى فرص عمل
يعمل مجموعة البنك الدولي جنباً إلى جنب مع الحكومة لتحويل الإصلاحات إلى فرص ملموسة. ومن الأمثلة البارزة:
مشروع ريادة الأعمال: نجح مشروع تحفيز ريادة الأعمال لخلق فرص العمل في توفير أكثر من 400 ألف فرصة عمل ودعم أكثر من 200 ألف مستفيد، 40% منهم من النساء والشباب.
برنامج التنمية المحلية في الصعيد: استفاد أكثر من 79 ألف مشروع في محافظات قنا وسوهاج والمنيا وأسيوط، مما أدى إلى خلق نحو 9 آلاف فرصة عمل، وأفاد 80% من أصحاب المشاريع بنمو أعمالهم وقدرتهم على المنافسة.
استثمارات مؤسسة التمويل الدولية (IFC): دعم قطاع تجارة التجزئة بقرض واستثمار في شركة “كازيون”، يُتوقع أن يسهم في خلق نحو 30 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة، وتعزيز سلاسل الإمداد المحلية، ودمج النساء ضمن إطار التوظيف.
التوجه الاستراتيجي.. نحو وظائف المستقبل ذات القيمة المضافة العالية
يُشدد التقرير على ضرورة أن تكون وظائف الغد “أفضل من وظائف الأمس”، وأن تتحول مصر نحو التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. ففي العقدين الماضيين، أنشئت معظم الوظائف في قطاعات ذات قيمة مضافة منخفضة مثل التشييد والتجارة.
القطاعات الواعدة للمستقبل:
يشير البنك الدولي إلى أن آفاق النمو المستقبلية تكمن في:
الصناعات غير النفطية: المنسوجات، الأدوية، الصناعات الغذائية، الإلكترونيات، وقطاع السيارات.
الطاقة المتجددة: كقطاع واعد لوضع مصر في موقع جيد إقليمياً وعالمياً ضمن التحول الأخضر.
تكنولوجيا المعلومات والخدمات الرقمية: مدعوم بالتحول الرقمي للدولة.
الرعاية الصحية والسياحة: استمرار دورهما في تعزيز النمو.
ولتحقيق هذا التحول، أسهمت مجموعة البنك الدولي في صياغة استراتيجية التنمية الصناعية وتعزيز التجارة وخارطة طريق لدعم قطاعي التصنيع والصادرات، بالإضافة إلى تقديم الدعم الفني لإطلاق استراتيجية جديدة للاستثمار الأجنبي المباشر لجذب رؤوس الأموال نحو 13 قطاعاً واعداً.
شراكة استراتيجية لمستقبل أفضل
يُؤكد ستيفان جيمبرت، المدير الإقليمي للبنك الدولي المسؤول عن مصر واليمن وجيبوتي، على أهمية الشراكة قائلاً: “إن خلق المزيد من فرص العمل الجيدة هو التحدي الأكثر إلحاحاً والفرصة الأكبر لمستقبل مصر”، مشيراً إلى أن مصر تتخذ بالفعل خطوات بالغة الأهمية لتمكين ودعم الشركات باعتبارها القوة الدافعة لخلق فرص العمل.
ويُختتم التقرير بالتأكيد على أن مصر تسير بخطى ثابتة، مدعومة بإرادة سياسية، وشراكات استراتيجية، وإمكانات وطنية هائلة، نحو تحقيق نمو شامل يصل إلى جميع المحافظات والفئات، وتوفير فرص عمل أفضل وأكثر لأبنائها، وبناء اقتصاد قوي ومتنوع ومستدام، رغم التحديات المستمرة المتعلقة بزيادة وتيرة خلق الوظائف وضرورة زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة.



