فنون وثقافة

محمد رفعت يكتب:حوار عبثي مع رجل مبالغ فيه

الكاتب الصحفي محمد رفعت

قبل زواجي بعدة سنوات تقدمت لخطبة فتاة جميلة ومهذبة للغاية رشحتها لي ابنة خالتها المذيعة، ولم أكن أعلم أن والدها المحامي يريد أن يزوجها رغما عنها لابن عمها القاضي ليحافظ على ميراث قطعة أرض مشتركة بينهم وأنه يسعى لتطفيش كل من يتقدم لها ومن بينهم أنا..ودار بيننا هذا الحوار العبثي:
هو: انت بتشتغل ايه يا أستاذ محمد؟
أنا: صحفي
هو: بتكتب في أي قسم؟
أنا: في الثقافة والفن
هو: مع الرقاصات يعني!
كانت هذه الجملة كفيلة بأن تنبهني إلى الفخ أو الكمين الذي وقعت فيه وسر اللهجة العدائية التي يكلمني بها منذ هاتفته تليفونيا لتحديد موعد لزيارتهم، فقررت أن أعامله بالمثل!
أنا: راقصات..اه راقصات عقل ودين مع ضحكة ساخرة!
هو: انت بتقول ايه ..ما سمعتكش
أنا: باقول لحضرتك اني محرر وناقد فني..يعني باعمل حوارات وموضوعات صحفية مع الادباء والفنانين وماليش علاقة بالرقص..زي حضرتك كمحامي مالكش علاقة بالجرائم والمخدرات مثلا!
هو بلهجة حادة جدا: برضه مش فاهم قصدك.
أنا: حضرتك عارف برنارد شو بيعرف المحامي بإيه؟!
هو: لا ما اعرفش.
أنا: بيقول المحامي بيؤجر ضميره لشخص اخر من أجل حفنة من المال..يعني حضرتك مثلا ممكن تدافع عن قاتل أو تاجر مخدرات وتطلب له البراءة وانت متأكد من أنه مجرم!
استفزه كلامي، فحاول تغيير الموضوع وقال لي:
انت بتقبض كام من الصحافة؟
قلت له راتبي وقتها.
قال لي: يعني ما باتاخدوش حاجه كده في اخر الشهر او حوافز وعلاوات مثلا؟
قلت له: لا طبعا بناخد.
قال لي: ايه؟
قلت له: بيدونا فلوس في العيد الصغير علشان نجيب كحك..وفي العيد الكبير علشان نجيب لحمه وفي المولد النبوي علشان نجيب حلاوة..وفي راس السنة.
قال لي: بيديكوا فلوس في راس السنة ليه؟
قلت له: علشان نجيب بيره!
قال لي: انت بتشرب بيره؟!
قلت له: لا..يعني ممكن تاخد الفلوس تجيب بها حاجه تانيه!
قال لي: ممكن توريني بطاقتك؟
قلت له: ليه..هوه احنا في لجنة ولا كمين مرور ؟
قال: علشان اخد بياناتك واديها لضابط قريبي في المباحث يسأل عنك.
قلت له: تمام..وياريت حضرتك كمان تديني بطاقتك؟
قال لي: ليه؟!
قلت: علشان أنا كمان اخد بيانات حضرتك واديها لصديق لي في المخابرات يسأل عنك!
هنا أدرك الرجل اني بايع القضية وان الحوار بيننا يمكن أن يتطور إلى ما لا يحمد عقباه، فتغيرت لهجته في الكلام معي فجأة وأصبح أكثر لطفا وتهذيبا!..وبقيت دقائق قليلة بعدها ثم استأذنت في الانصراف.
بعدها بحوالي سنة اتصلت بي الوسيطة المذيعة وقالت لي ان الفتاة تم كتب كتابها بالفعل على ابن عمها القاضي وتطلقا بدون اتمام الزواج!.. وأن والدها أصبح مستعدا الآن للموافقة على ارتباطي بها..فاعتذرت لها وقلت انني ارتبطت بالفعل وسأتزوج بعد شهور قليلة.
وبعدها بعشرين سنة قابلت المذيعة بالصدفة وسألتها عن قريبتها فقالت لي أنها لم تتزوج حتى الآن!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى