تقارير وتحليلات

خطة “الضغط الأقصى” على روسيا.. لندن تطالب الحلفاء بـ”صواريخ بعيدة المدى” لتغيير حسابات بوتين

في تحرك دبلوماسي وعسكري يهدف إلى تغيير موازين القوى في الحرب الأوكرانية، استضافت العاصمة البريطانية لندن، يوم الجمعة، اجتماعًا استثنائيًا لقادة دول “تحالف الراغبين”، الذي يضم نحو 30 دولة.
القمة، التي ترأسها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، لم تكن مجرد تجمع، بل كانت منصة لإطلاق استراتيجية “الضغط الأقصى” على موسكو، داعيًا الحلفاء إلى تكثيف الضغوط العسكرية والاقتصادية عبر أربعة محاور حاسمة، أبرزها تزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى.
الاجتماع، الذي جمع قادة حضوريًا وافتراضيًا – وفقًا لصحيفة “ذا تليجراف” البريطانية – شهد حضورًا لافتًا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي التقى الملك البريطاني تشارلز الثالث، قبل دخوله في مباحثات مكثفة مع ستارمر لبلورة استراتيجية موحدة.
كما شارك الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، ورئيسا وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن وهولندا ديك شوف، إلى جانب عشرات القادة عبر الاتصال المرئي، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الرئيس المشارك للتحالف.
استراتيجية “الضغط الأقصى”: النفط، الأصول، والدفاع الجوي
جاءت هذه القمة العاجلة في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلغاء قمة سلام مقترحة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بسبب تمسك الأخير بالأراضي التي سيطر عليها ورفضه تقديم تنازلات، وهو ما فاقم شعور الحلفاء بضرورة تغيير الاستراتيجية.
كشف رئيس الوزراء ستارمر عن خطة “الضغط الأقصى”، التي تهدف إلى إنهاء الصراع وإجبار بوتين على العودة إلى طاولة المفاوضات بشروط مختلفة. الاستراتيجية، بحسب ستارمر، ترتكز على أربعة محاور رئيسية:
1. حظر النفط والغاز الروسي: العمل على حذف النفط والغاز الروسي بشكل كامل من الأسواق العالمية، مع انتقاد الدول التي “تتباطأ” في تطبيق هذه الإجراءات.
2. استغلال الأصول المجمدة: استخدام الأصول الروسية المجمدة، لتمويل الدفاع الأوكراني عبر آلية “قروض التعويضات”، لضمان دفع موسكو ثمن غزوها.
3. تحصين البنية التحتية: تقوية منظومات الدفاع الجوي الأوكراني لحماية البنية التحتية للطاقة قبل حلول فصل الشتاء.
4. التصعيد العسكري النوعي: تصعيد الضغط العسكري من خلال توفير قدرات عسكرية بعيدة المدى لكييف.
وشدد ستارمر، وفقًا لـ”ذا تليجراف”، على أن “مطالب بوتين بأراضٍ أوكرانية عجز عن السيطرة عليها بالقوة” تكشف عدم جديته في التوصل إلى اتفاق سلام عادل.
وأضاف أن التحالف مصمم على تصعيد الضغوط “من ساحة المعركة إلى الاقتصاد الحربي الروسي”، معتبرًا أن هذه هي “الطريقة الوحيدة لتغيير حساباته ودفعه للعودة إلى الطاولة”.
معضلة التمويل: النفط والأصول المجمدة
وفي الشق الاقتصادي، أشاد ستارمر بقرار ترامب فرض عقوبات على شركات النفط الروسية العملاقة، واصفًا قرار إخراج النفط والغاز من الأسواق بأنه “نهاية عملية وليس بدايتها”.
كما طالب الحلفاء بالإسراع في استخدام الأصول الروسية المجمدة لتوليد “قروض تعويضات” تمول القوات المسلحة الأوكرانية.
إلا أن ملف الأصول المجمدة واجه تحديات. فبينما كان هناك مطالبات ملحة بالإسراع في استغلال الأصول، تعثرت المحادثات حول قرض أوروبي بقيمة 140 مليار يورو باستخدام هذه الأموال المصادرة، بعد اعتراض بلجيكا على الخطوة في اجتماع منفصل للقادة الأوروبيين، وفقًا للصحيفة البريطانية.
ورغم ذلك، حددت رئيسة الوزراء الدنماركية فريدريكسن موعد عيد الميلاد كأجل نهائي لوضع استراتيجية تلزم روسيا بدفع تعويضات لأوكرانيا.
الصواريخ بعيدة المدى: ورقة “توماهوك”
المحور الأشد حساسية في استراتيجية ستارمر هو الحاجة الماسة لتزويد أوكرانيا بمزيد من الصواريخ بعيدة المدى، خاصة بعد “التوقف المفاجئ للمحادثات” حول منح كييف صواريخ “توماهوك” الأمريكية.
وكانت بريطانيا وفرنسا قد زودتا أوكرانيا بصواريخ “ستورم شادو” و”سكالب”، بينما قدمت واشنطن في عهد الرئيس السابق جو بايدن صواريخ “أتاكمز”. لكن صواريخ “توماهوك”، بقدرتها على ضرب العاصمة الروسية بسهولة، تمثل قفزة نوعية في القدرات العسكرية الأوكرانية.
وكشف الرئيس الأوكراني زيلينسكي عن أن بوتين أعلن استعداده لاستئناف المحادثات “فور شعوره بالضغط وإمكانية حصول كييف على صواريخ توماهوك”. وقال الرئيس الأوكراني بوضوح: “بمجرد أن شعر بوتين بالضغط واحتمالية ظهور صواريخ توماهوك في أوكرانيا، أعلن فورًا استعداده لاستئناف المحادثات”.
من جانبه، أكد الأمين العام للناتو مارك روته، الذي التقى ترامب في واشنطن هذا الأسبوع، أن قرار الرئيس الأمريكي بشأن التوماهوك لا يزال “قيد المراجعة”. ودعا روته الدول الأعضاء الأخرى إلى المساهمة الفعالة، مشيرًا إلى أن آلة الحرب الروسية “تنفد منها الأموال والجنود والأفكار”، وهو ما يجعل هذا التوقيت حاسمًا لتكثيف الضغط على كافة الجبهات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى