هل الصيام بلا حجاب يُقبل؟!

يثور الجدل أحيانًا حول العلاقة بين ارتداء الحجاب وصحة الصيام، لكن أهل العلم يؤكدون أن الحجاب والصيام فريضتان مستقلتان، فعدم ارتداء الحجاب لا يؤثر على صحة الصيام أو قبوله، إذ يحاسب الله الإنسان على كل فريضة بشكل منفصل. ومع ذلك، فإن المرأة التي تلتزم بالصيام دون الحجاب تُعد مقصرة في أحد أوامر الله، لكنها لا تفقد بذلك أجر الصيام.
الالتزام بأوامر الله ورسوله أمر لا يقبل الانتقائية، فالمؤمن الحق هو من يصدق في طاعته لله سبحانه وتعالى دون تردد أو تهاون، انطلاقًا من قوله تعالى: “وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم” (الأحزاب: 36). فطاعة الله واجبة في جميع الأحوال، سواء كانت في السر أو العلن، صغيرة كانت أو كبيرة، إذ إن النظرة إلى المعصية لا تتعلق بحجمها، بل بعظمة من عصي.
وفيما يتعلق بالمصير الأخروي، فإن المسلم العاصي يبقى تحت مشيئة الله، فإن شاء غفر له وإن شاء عذّبه، ولكن لا يخلد في النار إذا مات على التوحيد. ومن هنا، فإن ترك الحجاب يُعد معصية تستوجب التوبة، ولكنه لا يخرج المرأة من الإسلام، ولا يمكن الجزم بأن من لا تلتزم بالحجاب ستكون في النار، إذ يبقى الأمر بيد الله وحده.
أما الذنوب، فتنقسم إلى صغائر وكبائر، فالصغائر تُكفَّر بالأعمال الصالحة كالصلاة والصيام، بينما الكبائر – ومنها ترك الحجاب عمدًا – تحتاج إلى توبة نصوح ليغفرها الله.
ومن المؤسف أن نجد بعض الفتيات يحرصن على العبادات كالصلاة والصيام والبعد عن المحرمات، ثم يتهاونّ في أمر الحجاب، رغم أنه جزء لا يتجزأ من منهج الطاعة الذي أراده الله لعباده. فالحجاب ليس مجرد زي، بل هو التزام شرعي يحمي المرأة من الفتنة ويحفظ كرامتها، وهو من الأوامر الإلهية التي يجب الامتثال لها، كما قال الله تعالى: “ولا يبدين زينتهن”، وأيضًا: “ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى”.
إن الالتزام بالحجاب دليل على حب الله وطاعته، ومن تلبّست بطاعة الله في العبادات الأخرى، فهي أقرب ما تكون إلى ارتدائه امتثالًا وطاعة، لتفوز برضوان الله ونعيمه، وتسلم من عقابه وعذابه.