تقارير وتحليلات

مفتاح السلام من خلف القضبان.. مروان البرغوثي الورقة الأخيرة لترامب لتوحيد الفلسطينيين

 

 

في خضمّ الجهود المكثفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وتتويجاً لوثيقة السلام الموقعة في قمة شرم الشيخ، يطفو اسم قيادي فلسطيني من بين جدران السجن ليصبح “ورقة مفتاحية” محتملة قد تعيد رسم خريطة المشهد السياسي. إنه مروان البرغوثي، المعتقل في السجون الإسرائيلية منذ عام 2002.

 

الأنظار الآن كلها تتجه نحو واشنطن، وتحديداً نحو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يُعتقد أن تدخله الحاسم قد يكون القوة الوحيدة القادرة على دفع إسرائيل نحو الإفراج عن البرغوثي، القائد البارز في حركة فتح. هي خطوة يراها الكثيرون في الداخل الفلسطيني ضرورية لتوحيد الصفوف المشتتة وإعادة إحياء مسار حل الدولتين الذي يكاد يموت.

 

ترامب يدرس الصفقة.. والقرار على الطاولة الأمريكية

لم يعد أمر الإفراج عن البرغوثي مجرد مطلب شعبي، بل أصبح رسمياً على طاولة القرار الأمريكي. كشف الرئيس ترامب نفسه، في مقابلة مع مجلة “تايم” مؤخراً، عن تلقيه طلباً بالإفراج عن البرغوثي، وأنه يدرس الأمر بجدية مع معاونيه.

 

قال ترامب إنه يفكر في الدفع باتجاه إطلاق سراح البرغوثي، المحكوم عليه بخمسة مؤبدات، بوصفه شخصية “قد تُسهم في تحقيق السلام”. هذا التصريح المفاجئ، الذي أشار ترامب إلى أنه طُرح عليه قبل دقائق من المقابلة، يؤكد أن فكرة البرغوثي تحولت من مجرد أمنية إلى ملف قيد الدراسة في الدوائر العليا بالولايات المتحدة.

 

رفض متشدد.. “لن يحكم غزة!”

في المقابل، يواجه هذا التوجه الأمريكي رفضاً إسرائيلياً قاطعاً، قاده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي رفض سابقاً الإفراج عن البرغوثي خلال صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، رغم ورود اسمه ضمن قوائم التبادل.

 

وسارع وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن جفير، إلى مهاجمة الفكرة بشدة، مؤكداً: “مروان البرغوثي قاتل، ولن يُفرج عنه ولن يحكم غزة. إسرائيل دولة ذات سيادة”، في إشارة واضحة إلى أن الملف سيشعل خلافات عميقة داخل الائتلاف الحاكم في تل أبيب.

 

مناشدات مؤثرة: “شريك حقيقي بانتظارك”

في الجانب الآخر، تستميت عائلة البرغوثي في الضغط على الإدارة الأمريكية. وجهت زوجته، فدوى البرغوثي، رسالة مؤثرة للرئيس ترامب نُشرت في “تايم”، جاء فيها: “هناك شريك حقيقي بانتظارك، شخص يمكنه أن يساعد في تحقيق الحلم المشترك بسلام عادل ودائم بالمنطقة. ساعد في الإفراج عن مروان البرغوثي”.

 

كما أكد نجله، عرب البرغوثي، لوكالة فرانس برس من رام الله، أن والده، البالغ من العمر 66 عاماً، “قادر ولديه سجل حافل يخوّله توحيد الشعب الفلسطيني”، مشدداً على أن الإفراج عنه يمثل فرصة للمجتمع الدولي لـ”إثبات جديته في دعم حل الدولتين”.

 

وأشار عرب إلى أن والده لن يختار “الراحة” حال الإفراج عنه، بل سيواصل العمل لإيقاف المأساة في غزة والمساهمة في نهضة الشعب الفلسطيني وإعادة إعمار القطاع. وهذا ما يرسخ الاعتقاد بأن قرار ترامب المرتقب لن يكون مجرد صفقة تبادل، بل قد يمثل نقطة تحول جوهرية في المشهد السياسي الفلسطيني.

 

مروان البرغوثي: رمز جيل ونقطة تحول

يُنظر إلى مروان البرغوثي، الذي وُلِد عام 1959 وبدأ نشاطه في حركة فتح في سن الخامسة عشرة، ليس فقط كسجين سياسي، بل كرمز لنضال جيل كامل. تدرج البرغوثي في المناصب القيادية، وانتُخب عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 1996، قبل أن يتم اعتقاله عام 2002 والحكم عليه عام 2004 بخمسة أحكام بالسجن المؤبد.

 

يراه الفلسطينيون “الأمل الأخير” القادر على توحيد الصفوف الممزقة بين الضفة الغربية وغزة بعد سنوات من الانقسام. وبعد مرور عامه الثالث والعشرين خلف القضبان، يظل اسم البرغوثي مرادفاً لحرية لم تكتمل وسلام يبحث عن قائد.

 

إن قرار ترامب، المرتقب خلال الأيام القادمة، يحمل في طياته إمكانية تغيير شكل الخريطة السياسية، ليمنح السلام أول فرصة حقيقية له عبر إخراج رجل يُنظر إليه كقائد موحّد قادر على استئناف المفاوضات من نقطة قوة جديدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى