تريليون دولار عجزًا و46% رفضًا شعبيًا.. الأرقام تكذب “العهد الذهبي” لترامب

في الوقت الذي يواصل فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التغني بـ”أفضل حقبة اقتصادية على الإطلاق”، كشفت الأرقام الرسمية الصادرة عن مؤسسات مستقلة عن صورة مختلفة تمامًا، تعكس تزايد القلق الشعبي وتراجع الثقة في السياسات الاقتصادية للإدارة.
الأزمة ليست في الإحصاءات فحسب، بل في التناقض الصارخ بينها وبين الشعور العام، وهو ما يُعتبر “فخًا سياسيًا” وقعت فيه إدارات سابقة وقد يهدد حظوظ الجمهوريين في الانتخابات المقبلة.
أرقام تُحرج البيت الأبيض
أحدث الأرقام الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل كانت بمثابة ضربة موجعة للإدارة؛ فقد كشفت مراجعة للتوظيف في الفترة من أبريل 2024 إلى مارس 2025 أن عدد الوظائف كان مبالغًا فيه بمقدار 911 ألف وظيفة، وهو أكبر مراجعة هبوطية مُسجلة في تاريخ البلاد.
وهذا الرقم الضخم يُشير إلى أن التباطؤ في سوق العمل كان أعمق مما كان يُعتقد في البداية.
وفي سياق متصل، أظهر استطلاع حديث أجرته شبكة CBS News أن 36% فقط من الأمريكيين يقولون إن الاقتصاد “جيد”، بينما قال بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك إن الناس يعتقدون أن هناك فرصة بنسبة 45% فقط للعثور على وظيفة جديدة إذا كانوا عاطلين عن العمل، وهي أضعف قراءة منذ بدء الاستطلاع في عام 2013.
كما وصل معدل البطالة إلى 4.3% في أغسطس الماضي، بعد أن كان عند 3.4% في 2023.
“الجميل الكبير” يضيف 3.4 تريليون دولار إلى العجز
يُشكّل قانون ترامب الضريبي، الذي أعيدت تسميته ليصبح “تخفيض ضرائب الأسر العاملة” في محاولة لتعزيز شعبيته، محورًا أساسيًا في الأجندة الاقتصادية للإدارة.
لكن حتى هذا التشريع يواجه انتقادات حادة. فوفقًا لتحليل مكتب الميزانية بالكونجرس، من المتوقع أن يضيف القانون ما يقارب 3.4 تريليون دولار إلى عجز الموازنة خلال العقد المقبل.
هذه الأرقام تتفاقم في ظل السياسات التجارية التي يتبناها ترامب؛ فقد ذكر مكتب الميزانية بالكونجرس أن التعريفات الجمركية وحملته الصارمة على الهجرة ستُضعف مكاسب النمو الاقتصادي، ولن يكون للقانون “الكبير والجميل” تأثير يُذكر على النمو قبل انتخابات 2028.
كما تشير تحليلات أخرى إلى أن سياسات ترامب الاقتصادية، بما في ذلك التعريفات الجمركية، قد تُقلل من دخل الأسر الأمريكية باستثناء شريحة الـ1% الأعلى دخلًا، حيث يُتوقع أن ينخفض متوسط دخل الأسر المتوسطة بـ1300 دولار بحلول عام 2027.
التضخم يرتفع والفقر يزداد
رغم أن التضخم كان يتراجع في بداية العام، فقد بدأ في الارتفاع المطرد منذ مايو، ووصل معدله السنوي إلى 2.9% في أغسطس، وهو أعلى مستوى له منذ يناير.
ويُشير خبراء اقتصاديون إلى أن هذا الارتفاع بدأ يظهر مع بدء الشركات في تمرير تكاليف التعريفات الجمركية على المستهلكين.
وفي تحذير أطلقته “مختبر ييل للميزانية”، يُتوقع أن تزيد تعريفات ترامب من عدد الأمريكيين الذين يعيشون في فقر بـ 650 ألف شخص على الأقل، حيث تتحول هذه الرسوم إلى “ضريبة غير مباشرة” على المستهلكين.
وعلى الرغم من هذا المشهد، يتوقع مساعدو البيت الأبيض تخفيضات متعددة في أسعار الفائدة قبل انتخابات العام المقبل، وهو ما قد يُقلل من تكلفة الاقتراض ويُحفّز الاقتصاد.
لكن الفجوة بين الأرقام والشعور العام تظل تحديًا هائلاً أمام إدارة ترامب، التي تُكافح من أجل إقناع الناخبين بأن “العهد الذهبي” الاقتصادي ليس مجرد حقيقة على الورق، بل واقع في جيوبهم.