الخرطوم: تصريف سد النهضة يضاعف ضغوط الفيضان في السودان

دخل السودان مرحلة دقيقة هذا الموسم بعد بدء سد النهضة الإثيوبي في تصريف كميات ضخمة من المياه من بحيرته بالتزامن مع ذروة موسم الفيضان، وهو ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في مناسيب النيل بمختلف فروعه داخل الأراضي السودانية.
وأوضحت وزارة الزراعة والري السودانية في بيان رسمي أن بحيرة السد امتلأت هذا العام بشكل كامل، وبدأت عمليات التصريف منذ العاشر من سبتمبر الجاري، حيث بلغ حجم المياه المصرفة يوميًا نحو 750 مليون متر مكعب، ليلتقي هذا التدفق الهائل مع مياه الفيضان القادمة من الهضبة الإثيوبية ونهر عطبرة، الأمر الذي ضاعف الضغوط على مجرى النيل في السودان.
وأشارت الوزارة إلى أن هذه التطورات تأتي في وقت يشهد فيه السودان ظروفًا مناخية غير مسبوقة، إذ تأخر موسم الخريف هذا العام وامتد حتى نهاية أكتوبر، ما نتج عنه هطول كميات كبيرة من الأمطار فاقت المعدلات الطبيعية. وأكد البيان أن النيل الأبيض تحديدًا سجّل منذ عام 2020 زيادات متواصلة في الإيراد تراوحت بين 60% و100% فوق المتوسط السنوي، بينما سجل نهر عطبرة أعلى معدلاته خلال الأيام الأخيرة.
وفي مواجهة هذه الأوضاع، شكّلت الحكومة السودانية غرفة عمليات طارئة برئاسة وزير الزراعة والري البروفيسور عصمت قرشي، وبمشاركة وكيل الري وكبار مسؤولي إدارات مياه النيل والخزانات، إلى جانب خبراء التشغيل والإنذار المبكر. وأوضحت الوزارة أن فرقها الميدانية تبذل جهودًا متواصلة لضبط المناسيب وتخفيف الآثار المحتملة للفيضان، مع توفير بيانات دقيقة للمواطنين على مدار الساعة.
ولفتت الوزارة إلى أن بلوغ المياه ما يُعرف بـ”مستوى الفيضان” في بعض المحطات لا يعني بالضرورة غمر المناطق السكنية أو وقوع كوارث، بل يشير إلى وصول المياه لحافة المجرى النهري. لكنها شددت في الوقت نفسه على ضرورة الاستعداد واتخاذ التدابير الوقائية، خاصة في الولايات المطلة على النيل الأزرق والنيل الأبيض ونهر عطبرة، حيث تزايدت المخاوف من تكرار سيناريو الفيضانات التي شهدها السودان في الأعوام الأخيرة.
وأكدت وزارة الزراعة والري أن الوارد من النيل الأزرق بدأ بالفعل في الانخفاض منذ يوم أمس، ومن المتوقع أن تبدأ المناسيب في التراجع التدريجي خلال الأيام القادمة. لكنها حذرت من أن استمرار تصريف سد النهضة بهذا الحجم في توقيت يتزامن مع ذروة الأمطار في الإقليم يفرض على السودان تحديات إضافية، تتطلب يقظة كاملة وتنسيقًا بين مختلف الأجهزة الحكومية، إلى جانب تعاون المجتمعات المحلية في الالتزام بالتعليمات الرسمية لتقليل المخاطر وحماية الأرواح والممتلكات.
وختم البيان بالتأكيد على التزام كوادر الوزارة بالعمل بروح الفريق الواحد، ومتابعة كل التطورات عن قرب، مشددة على أن سد النهضة أصبح عنصرًا رئيسيًا في تحديد مستقبل جريان النيل داخل السودان، وهو ما يفرض ضرورة التعامل معه باعتباره متغيرًا دائمًا في المعادلة المائية والإستراتيجية الوطنية لإدارة الموارد المائية.