أيقونة البطولة في يوم الشهيد.. الفريق أول عبد المنعم رياض من انشأة إلى الميدان

في التاسع من مارس من كل عام، تحتفي مصر بيوم الشهيد والمحارب القديم، وهو يوم تخليد لذكرى أبطالٍ بذلوا أرواحهم في سبيل الوطن، مقدمين أروع صور الفداء والبطولة. ويظل اسم الفريق أول عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، حاضرًا في وجدان الوطن، بعدما استشهد في قلب الميدان، ليصبح رمزًا خالدًا للتضحية والفداء.
رحلة العطاء.. من النشأة إلى الميدان
وُلد الفريق أول عبد المنعم رياض في 22 أكتوبر 1919 بقرية سبرباي التابعة لمحافظة الغربية، وسط أسرة عسكرية غرست فيه روح الانضباط وحب الوطن. التحق بالكلية الحربية عام 1936، ليبدأ مسيرته العسكرية التي امتدت لعقود، وشهدت محطات بارزة في تاريخ مصر العسكري.
لم يكن رياض مجرد قائد عسكري بارز، بل كان عقلًا استراتيجيًا فذًا شارك في العديد من الحروب، بدءًا من الحرب العالمية الثانية ضد القوات الألمانية والإيطالية، مرورًا بحرب فلسطين 1948، ثم العدوان الثلاثي 1956، وبعدها نكسة يونيو 1967، التي دفعته للعمل على إعادة بناء القوات المسلحة المصرية وتجهيزها لمعركة الثأر.
يوم البطولة.. استشهاد على خط النار
في صباح يوم 9 مارس 1969، قرر الفريق أول عبد المنعم رياض أن يكون بين جنوده في الصفوف الأمامية على الجبهة، ليرى عن قرب نتائج إحدى العمليات العسكرية المصرية ضد القوات الإسرائيلية في منطقة جنوب قناة السويس. ورغم المخاطر التي كانت تحيط بالموقف، أصر على التواجد وسط جنوده وضباطه، ليشاركهم لحظات المواجهة.
وبينما كان يتفقد الموقع، فوجئ بقصف مدفعي إسرائيلي مكثف استهدف المنطقة التي كان فيها، ليلقى حتفه متأثرًا بجراحه، ويسجل اسمه بأحرف من نور في سجل الأبطال الذين قدموا حياتهم دفاعًا عن الأرض والعزة والكرامة.
إرث من التضحية.. شرارة النصر القادم
لم يكن استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض مجرد فقدان لقيادة عسكرية بارزة، بل كان لحظة مفصلية في تاريخ الصراع المصري الإسرائيلي، حيث أشعل غضب القوات المسلحة المصرية، ودفعها إلى تصعيد عملياتها العسكرية فيما عُرف بـ”حرب الاستنزاف”، التي كبدت العدو خسائر فادحة، وأثبتت أن الجيش المصري قادر على مواجهة الاحتلال.
تحولت ذكرى استشهاد الفريق رياض إلى يوم يُخلد فيه تضحيات جميع شهداء مصر، ليظل يوم 9 مارس رمزًا للفداء، وتأكيدًا على أن مصر لا تنسى أبناءها الذين وهبوا حياتهم دفاعًا عن ترابها.
البطل في ذاكرة الوطن
ترك الفريق أول عبد المنعم رياض بصمة خالدة في تاريخ العسكرية المصرية، حيث كان قائدًا استثنائيًا، لم يكتفِ بوضع الخطط والتوجيهات من المكاتب، بل اختار أن يكون في الميدان بين جنوده، مؤمنًا بأن القيادة الحقيقية تنبع من التضحية والقدوة.
واليوم، تبقى سيرته مصدر إلهام للأجيال، وتُروى بطولاته كنموذج للتفاني والإخلاص، ليظل اسمه محفورًا في وجدان الوطن، وليبقى يوم الشهيد شاهدًا على تضحيات أبطال لم يترددوا لحظة في تقديم أرواحهم ليحيا الوطن.