تقارير صحفية

آثار التقارب الروسي الأمريكي.. استعادة تجارة بـ11.1 مليار دولار وإنقاذ 410 ألف وظيفة

مع تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في 20 يناير 2025، تتجه الأنظار نحو عودة التوافق الأمريكي الروسي، الذي تدهور بشدة خلال عهد جو بايدن، مما أثر على التبادل التجاري والاستثمارات بين البلدين. فهل ستنعكس هذه التحولات على الاقتصاد العالمي؟

تراجع التبادل التجاري والاستثمارات بين 2013 و2024
شهدت التجارة بين الولايات المتحدة وروسيا تقلبات حادة خلال العقد الماضي، حيث بلغت الصادرات الأمريكية إلى روسيا 11.1 مليار دولار في 2013، لكنها انخفضت تدريجيًا إلى 5.83 مليار دولار في 2016، ثم ارتفعت إلى 7 مليارات دولار مع بداية ولاية ترامب في 2017. غير أن التدهور بلغ ذروته بين 2021 و2024، إذ تراجعت الصادرات الأمريكية من 6.39 مليار دولار إلى 526 مليون دولار فقط، بانخفاض كارثي بلغ 91.8%.

أما الاستثمارات الأمريكية المباشرة في روسيا، فقد انخفضت من 14.17 مليار دولار في 2019 إلى 7.67 مليار دولار في 2023. ورغم ذلك، كانت الشركات الأمريكية توفر أكثر من 410 آلاف وظيفة داخل روسيا، وتحقق إيرادات سنوية قدرها 67.8 مليار دولار، مع سيطرة على 51.5 مليار دولار من رأس المال و31.1 مليار دولار من الأصول.

آثار التقارب الروسي الأمريكي.. استعادة تجارة بـ11.1 مليار دولار وإنقاذ 410 ألف وظيفة

توقعات اقتصادية في حال تحسن العلاقات
1- انتعاش الاقتصاد الروسي
منذ فرض العقوبات الغربية في 2014، تأثر الاقتصاد الروسي بشدة، حيث شهد معدلات نمو سالبة بين 2022 و2023 بلغت (-4.5%) و(-3.5%) و(-2.7%) و(-1.6%). ورغم تعافيه نسبيًا في 2024، إذ بلغ النمو 5.4% في الربع الأول، إلا أنه تراجع إلى 3.1% في الربع الثالث.

ويُتوقع أن يؤدي رفع العقوبات إلى استعادة روسيا لجزء كبير من خسائرها، خاصة مع تضرر قطاعات رئيسية مثل التجارة والقطاع المصرفي.

2- تقليل خسائر الاقتصاد الأمريكي
خسرت الشركات الأمريكية أكثر من 300 مليار دولار بسبب انسحابها من السوق الروسية، كما تأثرت الزراعة والصناعات الغذائية نتيجة فقدان روسيا كمورد رئيسي للأسمدة منخفضة التكلفة. كذلك، شهد التضخم الأمريكي ارتفاعًا كبيرًا من 5% في مايو 2021 إلى 8.3% في أبريل 2022، قبل أن يستقر عند 3% في يناير 2025، وهو ما يعوق تحقيق الاحتياطي الفيدرالي لهدفه البالغ 2%. ومع تحسن العلاقات، يُتوقع أن تنخفض أسعار الطاقة داخل الولايات المتحدة، خاصة أن واشنطن كانت تستورد 8% من احتياجاتها النفطية (245 مليون برميل سنويًا) من روسيا.

آثار التقارب الروسي الأمريكي.. استعادة تجارة بـ11.1 مليار دولار وإنقاذ 410 ألف وظيفة

3- استقرار أسواق الطاقة
تعد روسيا أكبر مصدر للغاز الطبيعي عالميًا، حيث صدَّرت 139 مليار متر مكعب في 2023، مما جعلها في صدارة قائمة الدول المصدرة. كما بلغ إنتاجها من الغاز المسال 29.1 مليون طن سنويًا في 2024، ما يضعها في المرتبة السادسة عالميًا.

ومن المتوقع أن يؤدي أي اتفاق أمريكي روسي إلى استقرار أسعار الطاقة العالمية، مما ينعكس على تكاليف الإنتاج والنقل، وبالتالي تخفيف الضغوط التضخمية على الاقتصادات الكبرى.

4- تعزيز التجارة العالمية
تأثرت التجارة الدولية بانخفاض الصادرات الروسية، التي هبطت من 29.8% من الناتج المحلي الإجمالي في 2021 إلى 23.1% في 2023. ومع تحسن العلاقات، من المتوقع أن تشهد الأسواق العالمية تدفقًا أكبر للسلع الروسية، ما يعزز استقرار سلاسل التوريد، خاصة في المعادن مثل التيتانيوم والألومنيوم والنيكل، والتي تعتمد عليها الصناعات الدفاعية والتكنولوجية في الولايات المتحدة وأوروبا.

5- مستقبل البريكس في ظل التوافق الروسي الأمريكي
وجه ترامب تحذيرات صارمة لدول مجموعة “بريكس”، مهددًا بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% في حال إصدار عملة جديدة تنافس الدولار. ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن هذه السياسة قد يتم تعديلها خلال المفاوضات مع روسيا، ما قد ينعكس على مسار تكتل “بريكس+”، الذي انضمت إليه مصر والسعودية في 2024.

كما أن أي تقارب أمريكي روسي قد يحد من تسارع جهود “بريكس” في الاستقلال عن الدولار، مما يضمن استمرار الهيمنة الأمريكية على النظام المالي العالمي.

آثار التقارب الروسي الأمريكي.. استعادة تجارة بـ11.1 مليار دولار وإنقاذ 410 ألف وظيفة

6- انعكاسات على الأسواق الناشئة
أي استقرار في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا سينعكس على الأسواق الناشئة التي تأثرت بالصراع الجيوسياسي بين القوتين. فالدول التي تعتمد على القمح والأسمدة الروسية، مثل مصر والهند وتركيا، قد تستفيد من انخفاض تكاليف الاستيراد، مما يدعم استقرار أسعار الغذاء عالميًا.

كما أن عودة رؤوس الأموال الأمريكية إلى السوق الروسية قد تفتح المجال أمام استثمارات مشتركة مع الشركات الأوروبية والآسيوية.

ختامًا.. هل نشهد تحولًا اقتصاديًا جديدًا؟
تدل الأرقام على أن إعادة ضبط العلاقات بين واشنطن وموسكو قد تحمل تأثيرات اقتصادية واسعة النطاق، بدءًا من تحسن نمو الاقتصادين، مرورًا باستقرار أسواق الطاقة، وانتهاءً بتعزيز حركة التجارة والاستثمار العالميين. ومع اقتراب عام 2025، يبقى السؤال: هل يشهد العالم فصلًا جديدًا من التعاون الاقتصادي أم أن التوترات السياسية ستفرض مسارًا مختلفًا؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى